Sunday, June 11, 2017





وأحنو لزمنٍ بعيد ..
يوم أن كان همي أين سنمضي في نزهتنا 
فوق الجبل أم عند الوادي .. 
يوم أن أنتظر الغيم .. 
فينزل المطر .. 
وكلاً يخرج من بيته متلهفا 
الصغير والكبير .. 
فنجتمع صغارًا نلعب حتى نبتل 

أشتاق لرائحة الطين .. والعشب .. وبيوت الحجر 
ورائحة الخبز .. 
ودفء المعاطف .. 

أشتاق لليالي الألعاب القديمة 
المطاردة , والعصا .. والإضمار وأشياء أخرى 
وليالي السمر الفريدة .. تحت ضوء القمر تارة 
والفانوس تارة أخرى 

أشتاق للرحلات والنزهات .. 
للقلوب المليئة بالحب .. بالصدق .. بالشوق 

أشتاق للضحكات النابعة من جوف القلب 
ومن عمقه .. حين يلوح لي وجه أحبه في تلك الديار 
جرعات من السعادة تأتي على هيئة بشر 

أشتاق لكل الأشياء في القرية الصغيرة ..
كل بيت مليء بأشخاص رائعون 
دمُنا واحد , ويومنا واحد 

أبي يقرأ عند عتبة الباب , 
ينثر السلام والضحكات على كل مار 

وعمي قد اتكأ عند بيت النحل .. 
يهديك قليلا من عظات الماضي 

لا ندخل البيت إلا لنومٍ أو طعام 
لعب ولعب .. بين أغصان العنب 
والمشمش وورد الجوري 

كنا قصارًا بما يكفي لنضيع بين سنابل القمح والذرة 
تقطفُ أمي , وتشوي 
وتناولنا زوجة عمي , والكل مسرور 

الخير بين يدينا مما وهبنا الله 
الريحان , والنعاع , والحبق 
الفاكهة والخضار والحب والشعير

المسجد بين بيتنا وبيت عمي , 
كل يوم تسمع صغيرًا يؤذن سابقًا عمي الآخر

هواء عليل , وشمس باردة حتى في الصيف 
الحيوانات متنوعة , تسمع صوتًا وآخر في أماكن مختلفة 
تارةً نخاف , وتارةً نضحك 

لا حسد , لا نفاق , لا مظاهر 
لا اختلافات , لا طبقات 

لكل شخص مقامه , ولكل شخص حقه في الاحترام 
ولكل شخص قسمته ولكل شخص حبه 

حقًا أشتاق لأيام كنتُ فيها لا أعبأ بأي أمر 
عدا كيف ألهو في ربوع قريتي الصغيرة .. 

غيرنا الزمان .. وغيرتنا الماديات 
وأحاطت قلوبنا بحواجز تنافسية لا داعي لها 
تكاثرت بيننا وسائل التواصل حتى تشتتنا فما عُدنا نلتقي 
كبرنا وكثرت بيننا الهموم والغموم .. وكثرت مشاكلُنا وأخطاءنا حتى أصبحت تفر من أخيك وهو أخيك 

أشتاق لفسحة تلك الأيام .. حين كان الظهر يكفي صلاتنا وغداءنا وقيلولتنا 
والعصر نزهتنا 
والعشاء تسامرنا وسباتنا العميق ..

فلنعش اليوم بحب .. وسلام 
حتى يكون لنا في غد ما يستحق أن نشتاق إليه !